من الأفضل تعريف نظرية ”المهمة التي يجب إتمامها“ JOBS-TO-BE-DONE (JTBD) على أنه منظور أو عدسة يمكنك من خلالها مراقبة الأسواق والعملاء والاحتياجات والمنافسين وأقسام العملاء بشكل مختلف، فمن خلال المهمة أو الوظيفة المحددة والتي يجب على العميل إتمامها عند استخدام منتجك أو خدمتك؛ سيكون الابتكار أكثر قابلية للتنبؤ وتحقيق الربحية.
تتمحور نظرية ”المهمة التي يجب إتمامها“ حول مجموعة من المبادئ التي هي أساساً تهدف لجعل التسويق أكثر فعالية والابتكار أكثر قابلية للتنبؤ، من خلال التركيز على المهمة أو الوظيفة التي يتعين على العميل القيام بها.
مثلاً: لماذا تشتري مكينة الحلاقة؟ والجواب الذي قد يرد به أحد العملاء هو كالتالي: أود أن أحلق بها الشعر الذي ينمو في ذقني كي أبدو أكثر وسامة وتألقاً. إذن فالمهمة التي يجب إتمامها لدى العميل أنه يريد أن يكون أكثر وسامة وتألقاً، وأحد المنتجات التي تلعب دور أساسي في تنفيذ هذه المهمة هي مكينة الحلاقة. وهنا يأتي دور شركات الإنتاج في تقديم منتج يساعد العميل على إتمام هذه المهمة وبمواصفات تُشبِع احتياجاتك كعميل.
تستند النظرية على فكرة أن الناس يشترون المنتجات والخدمات لإنجاز ”مهمة“ محدده، و تؤكد هذه النظرية على أنه من خلال فهم ما تنطوي عليه هذه “الوظيفة أو المهمة” بالتفصيل، ستتيح للشركات أو الافراد تطوير وتسويق منتجات وحلول فعاله ومستدامه، لأنها تقوم على وحدة تحليلية ثابته لا تتغير، وفي حقيقة المهمة أو الوظيفة التي يريد الشخص أو العميل إتمامها فقط.
إذن؛ فالمهمة: هي اختصار لما يسعى العميل إلى إتمامه وتحقيقه في ظرف معين.
فأنت كعميل لا تحتاج إلى الخلاط، ولكنك تريد أن تستمتع باللذة حين تشرب عصير الفواكه المعصورة مع بعضها. فالمهمة هنا هي أن تعصر الفواكه مع بعضها لتشكل عصير يستمتع به العميل.
نظرة تاريخية سريعة على نظرية المهمة التي يجب إتمامها:
تم تطوير هذا المبدأ أو النظرية بواسطة توني أولويك، مؤسس شركة استشارات الابتكار (Strategyn). وبدأ هذا المبدأ كبراءة اختراع لشركةUlwick وتسمى Outcome Driven Innovation (ODI) في عام 1991.
حيث تم تفصيل أول نجاح موثق حققته شركة تطبق هذا التفكير في مقالة تم نشرها على مجلة Harvard Business Review في عام 2002 تحت عنوان ”تحويل مدخلات العميل إلى ابتكار“. ويصف المقال كيف استخدمت شركة Cordis Corporation في عام 1993 هذا التفكير لزيادة حصتها في سوق بالونات قسطرة القلب من 1% إلى أكثر من 20%.
أساسيات نظرية المهمة التي يجب إتمامها:
عند دراسة وتطوير أي منتج باستخدام هذه النظرية تكون النقاط التالية هي الأساس:
- لا العميل و لا المنتج هو وحدة التحليل، إنما ” المهمة أو الوظيفة” هي وحدة التحليل الرئيسية، أي الوظيفية الأساسية التي يحاول العميل إنجازها.
- لا يتم استخدام المنتجات لتحديد الأسواق المستهدفة، بل يتم تعريف وتحديد الأسواق على أنها مجموعات من الأشخاص الذين يحاولون إنجاز مهمة معينة.
- العملاء ليسوا هم المشترين، بل هم منفذوا الوظائف والمهام التي يريدون إتمامها.
- الاحتياجات ليست غامضة وخفية وغير معروفة، بل هي المقاييس التي يستخدمها العملاء لقياس النجاح عند إنجاز المهمة أو العمل أو الوظيفة أو الغاية.
- المنافسون ليسوا شركات تصنع منتجات مثل منتجاتك، بل هم من يقدمون أي حل يتم استخدامه لإنجاز الوظيفة أو المهمة التي يجب إتمامها.
- لا يعتمد تقسيم شرائح العملاء على الخصائص الديمغرافية أو السيكوجرافيك ، بل تستند إلى كيفية معاناة العملاء بشكل مختلف من أجل إنجاز المهمة بشكل كامل أو تام.
عندما تفكر شركة ما في السوق من هذا المنظور، فمن الأرجح أن تنشئ وتقدم منتجات وخدمات غير عادية، ولكن لماذا؟
تأتي المنتجات وتذهب وتتغير، ولكن تبقى مهمة العميل التي يتعين إنجازها مستقرة بمرور الوقت، وبالتالي فمن خلال التركيز على وحدة التحليل الثابتة، يصبح من الممكن تحديد احتياجات العملاء المستقرة بمرور الوقت أيضاً، مما يمنح الشركات أهدافاً فريدة وقوية لخلق القيمة الفريدة لأي منتج.
ليست صفات العميل أو حتى المؤثرات من حولة أياً كانت هي من تدفعه لاتخاذ قرار الشراء، ولكن الحاجة لإتمام مهمة ما أو وظيفة ما على أفضل وجه هي الدافع الرئيسي في قرار الشراء.
ففي مثال الخلاط؛ فأنت كعميل لا تحتاج إلى الخلاط. ولكنك تريد تنفيذ مهمة عصر الفواكه مع بعضها لتحصل على عصير الفواكه، وهذا هو الدافع لاتخاذ قرار شراء الخلاط.
المبادئ الأساسية لمبدأ ”المهمة التي يجب إتمامها“:
- يشتري الناس المنتجات والخدمات لإنجاز مهمة أو وظيفة محددة.
- جميع المهام أو الوظائف لها أدوار محددة ولها مكونات عاطفية واجتماعية.
- المهمة التي يجب إتمامها والقيام بها تكون مستقرة وثابته بمرور الوقت.
- المهمة التي يجب القيام بها لا يختلف عليها إثنان وتكون محل إجماع.
- يأتي النجاح من جعل ”المهمة“ أو ”الوظيفة” هي وحدة التحليل الرئيسية، وليس المنتج أو العميل.
- إن الفهم العميق لهذه “المهمة” (المهمة التي يريد العميل أن يقوم بإتمامها) سيجعل العميل من وظيفة التسويق أكثر فعالية. وعندما تكون احتياجات العملاء مرتبطة بالوظيفة التي يتعين القيام بها، سيكون الابتكار أكثر قابلية للتنبؤ به.
- يريد الناس منتجات وخدمات تساعدهم في إنجاز المهمة بشكل أفضل أو أرخص.
- يبحث الناس عن المنتجات والخدمات التي تمكنهم من إنجاز المهمة بأكملها.
إيجابيات مبدأ المهمة التي يجب إتمامها:
- يمكن أن يساعد على مواءمة ما تقوم بتطويره بشكل أفضل مع ما يريده العملاء بالفعل. لأن مهمة تطوير المنتج أو الخدمة من منطلق أداء أو إتمام المهمة بشكل أفضل سيُجبر فريق التطوير على التعمق أكثر في فهم ما يريده العملاء بالفعل، وبالتالي التركيز على تطوير منتج يقوم بحل وإتمام المهمة أو الوظيفة التي يريدها العمل، بدلاً من بناء منتج يركز على المميزات ويهمل الوظيفة.
- يمكن أن يمنعك من بناء “حصان سريع” ولكن للأسف لا يريده العملاء. يتضمن جزء من نهج هذا المبدأ على طرح السؤال “لماذا” و “ماذا”، لماذا يريد عملاؤك ميزة معينة؟ وما هي النتيجة الحقيقية المرجو تحقيقها؟ وما هي الحالة العاطفية التي يأمل أن يمنحها منتجك لهم؟
تقوم كثير من الشركات والمؤسسات عند تطوير منتجاتها بسؤال العملاء المستهدفين عن ماذا يريدون أو يحتاجون، ثم تقوم هذه الشركات بتطوير منتجاتهم بحسب معطيات العملاء، و تكمن المشكلة في هذا الأسلوب في أن المستخدمين من العملاء غالباً لا يمتلكون الرؤية أو المفردات لشرح ما يريدونه بالضبط، خاصةً إذا لم يتوفر شيء مماثل له في السوق حتى تلك اللحظة.
سلبيات مبدأ المهمة التي يجب إتمامها:
يمكن أن يقود البحث المتعمق حول المهمة أو الوظيفة الحقيقية المراد إتمامها إلى أن تصبح غايه مجردة وصعبة المنال.
فعلى الرغم من أن هذا البحث ينطوي على الكثير من الاستقصاء للكشف عن الدوافع الحقيقية للعملاء وتحديد المهمة أو الوظيفة الحقيقة المراد إتمامها بالضبط؛ إلا أن مبدأ ”المهمة التي يجب إتمامها“ لا يزال يتطلب منك ترجمة أهداف العملاء الأساسية أو “الوظائف” إلى أدوات أو حلول واضحة وعملية وقابلة للتطوير والتحقيق على أرض الواقع.
وتتمثل إحدى المخاطر في هذا الإطار في أن فرق تطوير المنتج يمكن أن تتوه في تحديد الوظيفة أو المهمة، مما قد يؤدي إلى صعوبة في تحديد أولويات خارطة الطريق الاستراتيجية للمنتج الفعلي.
كما قد تصل فرق التطوير إلى مرحلة تؤدي إلى تصميم ضعيف للمنتج وتجربة غير ناجحة للعميل.
لقد أصبح مبدأ ”المهمة التي يجب إتمامها“ ذائع الصيت في مجتمع تطوير وابتكار المنتجات، لكن البعض قلق كون إطار العمل في النظرية يركز كثيراً على الغرض النهائي للمنتج؛ فإن فريق التطوير سيركز فقط على هذا الغرض متناسياً أو مستبعداً العناصر المهمة الأخرى، مثل جماليات التصميم وتجربة المستخدم الشاملة.
هل مبدأ “المهمة التي يجب إتمامها” تستحق المحاولة لأي فريق تطوير؟
يعتمد هذا المبدأ (JTBD) بالنظرية المنطقية القائلة بأن الناس يشترون أي منتج أو خدمة لإنجاز مهمة محدده أو لتحقيق حالة معينة مرغوب بها. فحتى إذا كان فريق التطوير يستخدم عادةً إطار عمل مختلفاً لتحديد الأولويات في تطوير المنتج، فإن تطبيق نظرية ”المهمة التي يجب إتمامها JTBD“ يعد جهداً يستحق العناء، ويمكن أن يساعد في منح الفريق وجهة نظر مختلفة، وربما مستوى أعمق من الفهم حول سبب شراء العملاء للمنتج وكيف يمكن تحسين ذلك المنتج.
مقالات ذات علاقة: